الثلاثاء، 5 ديسمبر 2017

فينسنت فان غوخ










 عزيزى ثيو :

إلى أين تمضى الحياة بى ؟
ما الذى يصنعه العقل بنا ؟
إنه يفقد الأشياء بهجتها ويقودنا نحو الكآبة ..






حياته الأولى :

 ولد فينسنت فان غوخ في جروت زندرت بهولندا في 30 مارس/آذار 1853. جاءت ولادة فان غوخ بعد سنة واحدة من اليوم الذي ولدت فيه أمه طفلاً ميتاً بالولادة، سمي أيضاً بفينسنت. 
حضر فان غوخ مدرسة داخلية في زيفينبيرجين لسنتين وبعد ذلك استمر بحضور مدرسة الملك ويليم الثاني الثانوية في تيلبيرغ لسنتين أخرتين. في ذلك الوقت أي في عام 1868، ترك فان غوخ دراسته في سن الخامسة عشرة ولم يعد إليها. 
في عام 1869 انضم فينسنت فان غوخ إلى مؤسسة غووبيل وسي (Goupil & Cie)، وهي شركة لتجار الفن في لاهاي. كانت عائلة فان غوخ لفترة طويلة مرتبطة بعالم الفن، فقد كان أعمام فينسنت، كورنيليس ("العم كور") وفينسنت ("العم سنت")، كانا تاجرين فنيين. أمضى أخوه الأصغر ثيو فان غوخ حياته كتاجر فني، ونتيجة لذلك كان له تأثير كبير على مهنة فينسنت اللاحقة كفنان. 

فان غوخ في سن التاسعة عشرة

بدأ فينسنت بوصاية عمال مناجم الفحم وعوائلهم في قرية التعدين واسميس . شعر فينسنت بارتباط عاطفي قوي نحو عمال المناجم. تعاطف مع أوضاع عملهم المخيفة وفعل ما بمقدوره، كزعيم روحي، هذه الرغبة الإيثارية أوصلته إلى مستويات كبيرة جداً عندما بدأ فينسنت بإعطاء أغلب مأكله وملبسه إلى الناس الفقراء الواقعين تحت عنايته. على الرغم من نوايا فينسنت النبيلة، رفض ممثلو الكنيسة زهد فان غوخ بقوة وطردوه من منصبه انتقل فان غوخ إلى قرية مجاورة تدعى كيوسميس وبقى هناك بفقر كبير. في السنة التالية كافح فينسنت من أجل العيش، ورغم أنه لم يكن قادراً على مساعدة سكان القرية بأي صفة رسمية كرجل ديني، اختار بأن يبقى أحد أعضاء جاليتهم على الرغم من ذلك. في أحد الأيام شعر 
فينسنت بالاضطرار إلى زيارة بيت جولز بريتون، وهو رسام فرنسي كان يحترمه كثيراً، وتطلب ذلك مشي لسبعين كيلومتراً إلى كوريير بفرنسا، مع انه لم يكن في جيبه سوى 10 فرنكات. لكن فينسنت كان خجولاً جداً لأن يدق الباب عند وصوله، فعاد إلى كيوسميس 
فاقداً الثقة بشكل كبير. في ذلك الوقت اختار فينسنت فان غوخ مهنته اللاحقة بأن يكون فناناً. 


بدايته كفنان :



في خريف العام 1880، وبعد أكثر من عام من العيش بفقر في بوريناج، توجه فينسنت إلى بروكسل لبدء دراساته الفنية. تشجع فينسنت على بدء هذه الدراسات نتيجة للعون المالي من أخيه ثيو. كان فينسنت وثيو قريبين من بعضهما البعض على الدوام في طفولتهما وفي أغلب حياتهما التالية، حيث بقيا يراسلان بعضهما البعض باستمرار. عدد هذه الرسائل أكثر من 700، وهي تشكل أغلب معرفتنا بتصورات فان غوخ حول حياته الخاصة وحول أعماله. في فصل الصيف عاش فينسنت مع أبويه مرة أخرى في إتين، وخلال تلك الفترة قابل ابنة عمه كورنيليا أدريانا فوس ستريكير (تسمى "كي"). وقع فينسنت في حب كي وتحطمت مشاعره حينما رفضته، على الرغم من النكسات العاطفية مع كي  وجد فينسنت بعض التشجيع من أنتون موف  ابن عمه بالزواج. صنع موف من نفسه فناناً ناجحاً، ومن بيته 

ظهور أعماله الناجحة الأولى:


عد العمل الشاق وتطوير الأساليب باستمرار في السنوات الماضية استطاع إنتاج لوحته العظيمة الأولى وهي " آكلو البطاطا". عمل فينسنت على لوحة آكلو البطاطا طوال شهر أبريل/نيسان من العام 1885. أنتج مسودات مختلفة لتحضير النسخة الزيتية الكبيرة الأخيرة على الجنفاص. تعرف لوحة آكلو البطاطا بأنها أول قطعة حقيقية نادرة لفينسنت فان غوخ، فتشجع إثر ردود الفعل بشأنها.  



لوحة آكلو البطاطا (أبريل 1885)



الانتقال إلى الجنوب: 

انتقل فينسينت فان غوخ إلى آرل في بداية العام 1888 لعدة أسباب منها كرهه لباريس وللشهور الطويلة من الشتاء فيها. السبب الآخر كان حلم فينسنت بتأسيس نوع من المطارحات للفنانين في آرل، حيث يلجأ إليه رفاقه في باريس، ويعملون سوية، ويدعمون بعضهم البعض نحو هدف مشترك. استقل فان غوخ القطار من باريس إلى آرل وهو متطلع لمستقبل ناجح. واستأجر بيتاً أصفراً كمكان يرسم فيه ويضع لوحاته. في الحقيقة لم ينتقل فينسنت إلى البيت الأصفر حتى سبتمبر/أيلول، حينما أسسه كقاعدة لما سماه بإستوديو الجنوب. الشهران التاليان كانا محوريين وكارثيين لفينسينت فان غوخ ولبول غوغان. في البداية كان فان غوخ وغوغان جيدين سوية، حيث قاما بالرسم في آرل، كما ناقشا الفن والتقنيات المختلفة. ولكن مع مرور الأسابيع، تدهور الطقس ووجد الاثنان أنفسهما مرغمين على البقاء في الداخل كثيراً. مثلما هو الحال على الدوام، تقلب مزاج فينسنت لمجاراة الطقس. بسبب انجبار فينسنت على العمل في الداخل، أدى ذلك إلى التخفيف من كآبته. بعث فينسنت إلى ثيو رسالة قائلاً فيها أنه قام برسم لوحات لعائلة كاملة وهي عائلة رولن. تلك اللوحات بقت من بين أفضل أعماله.  تدهورت العلاقة بين فان غوخ وغوغان في ديسمبر/كانون الأول، فأصبحت مجادلاتهما الساخنة كثيرة الحدوث.  في 23 ديسمبر/كانون الأول أصيب فينسنت فان غوخ بنوبة عقلية جنونية، فقطع الجزء الأوطأ من أذنه اليسرى بواسطة شفرة حلاقة، ثم انهار. اكتشفته الشرطة ثم أدخل إلى مستشفى هوتيل ديو في آرل. بعد أن أرسل غوغان برقية إلى ثيو، اتجه فوراً إلى باريس دون أن يزور فان غوخ في المستشفى. تراسل فان غوخ وغوغان لاحقاً لكنهما لم يجتمعا شخصياً مرة أخرى. 



لوحة تمثل حجرة نوم الفنان فينست فاكوخ تحت عنوان "غرفة نوم في آرل" التي رسمها سنة1888.






عاد فينسنت بعد تعافيه إلى بيته الأصفر، لكنه واصل زياراته إلى لدكتور راي لإجراء الفحوصات ولتغيير ضمادات رأسه. كان فينسنت متحمساً بعد التوقف، لكن مشاكله المالية استمرت، كما شعر باكتئاب جزئي عندما قرر صديقه المقرب جوسف رولن (1841 - 1903) لقبول موقع أفضل للعيش فانتقل مع عائلته إلى مارسيليا. كان رولن صديقاً عزيزاً ومخلصاً لفينسنت في معظم وقته في آرل. أصبح فينسنت كثير الإنتاج طوال يناير/كانون الثاني وبداية الشهر التالي، فرسم بعضاً من أعماله المعروفة مثل لوحتي "لابيرسوز" و"عباد الشمس". في 7 فبراير/شباط عانى فينسنت من نوبة أخرى تخيل فيها نفسه بأن مسمم. نقل فينسنت مرة أخرى إلى مستشفى هوتيل ديو للمعالجة، ومكث هناك 10 أيام، لكنه عاد مرة أخرى إلى البيت الأصفر بعد ذلك. 


أصبح بعض مواطني آرل قلقين في ذلك الوقت بسبب سلوك فينسنت، فوقعوا عريضة بخصوص مخاوفهم. أرسلت العريضة لرئيس بلدية آرل ثم لمدير الشرطة الذي أمر فان غوخ بدخول المستشفى مرة أخرى. بقى فينسنت في المستشفى للأسابيع الست التالية، ولكن سمح له بالمغادرة تحت الإشراف في بعض الأحيان لكي يقوم بالرسم ولوضع أملاكه في المخزن. كان ذلك وقتاً منتجاً لكن فان غوخ كان مثبط العزيمة عاطفياً. كما كان الحال قبل سنة، عاد فان غوخ لرسم البساتين المنفتحة حول آرل. ولكن بينما كان ينتج بعضاً من أفضل أعماله، أدرك فينسنت بأن موقفه غير ثابت، وبعد المناقشات مع ثيو وافق على اللجوء إلى مستشفى سان بول دي موسول النفسي في سان ريمي دي بروفانس طوعاً. ترك فان غوخ آرل في 8 مايو/مايس. 




                                     لوحة عباد الشمس (1889) 



المستشفى النفسي:

 عند وصوله إلى المستشفى، وضع فان غوخ تحت عناية الدكتور ثيوفيل زشريي أوغسطي بيرون (1827 - 1895). بعد فحص فينسنت ومراجعة حالته، اقتنع الدكتور بيرون بأن مريضه كان يعاني من الصرع. بعد أسابيع، بقيت حالة فينسنت العقلية مستقرة وسمح له بالاستمرار في الرسم. وفي منتصف الشهر يونيو/حزيران أنتج فان غوخ عمله الأفضل وهو لوحة "ليلة النجوم". 



حالة فان غوخ العقلية الهادئة نسبياً لم تدم طويلاً، فأصيب بنوبة أخرى في منتصف الشهر يوليو/تموز. حاول فينسنت ابتلاع لوحاته الخاصة ولذلك وضع في المستشفى ولم يسمح له بالوصول إليها. رغم أنه تعافى سريعاً من الحادثة، أصيب فان غوخ بالإحباط بعدما حرم من الشيء الوحيد الذي يحبه وهو فنه. 

في الأسبوع التالي، سمح الدكتور بيرون لفان غوخ باستئناف الرسم. تزامن ذلك الاستئناف مع حالة عقلية جيدة. أرسل فينسنت رسائل لثيو تفصل حالته الصحية غير الثابتة. كما أن الأخير كان مريضاً أيضاً في بداية العام 1889. لم يستطع فان غوخ مغادرة غرفته لمدة شهرين، لكنه في الأسابيع التالية تغلب على مخاوفه مرة أخرى واستمر بالعمل. في أثناء ذلك الوقت بدأ فينسنت بالتخطيط لمغادرته النهائية من المستشفى النفسي في سان ريمي. طرح ذلك على ثيو الذي بدأ بالاستعلام عن البدائل المحتملة لعناية فينسنت الطبية.

بقت صحة فان غوخ العقلية والجسدية مستقرة جداً في بقية العام 1889. تعافت صحة ثيو أيضاً وكان مستعداً للانتقال إلى بيت مع زوجته الجديدة، كما ساعد أوكتافي موس الذي كان ينظم معرضاً (اسمه Les XX) في بروكسل حيث عرضت فيه ست من لوحات فينسنت. بدا فينسنت متحمساً منتجاً في طوال ذلك الوقت. فصلت المراسلات المستمرة بين فينسنت وثيو العديد من الأمور حول عرض لوحات فينسنت ضمن المعرض. في 23 ديسمبر/كانون الأول من العام 1889 وبعد مرور سنة على حادثة قطع الأذن، عانى فينسنت من نوبة أخرى استمرت لأسبوع، لكنه تعافى منها بسرعة واستمر في الرسم. كما عانى من المزيد من النوبات في الشهور الأولى من العام 1890. من المحتمل أن تكون تلك الفترة الأسوأ بالنسبة لحالته العقلية اليائسة. بعد الاستعلام، شعر ثيو بأنه من الأفضل لفينسنت أن يعود إلى باريس ويوضع بعد ذلك تحت عناية الدكتور بول غاشي (1828 - 1909). وافق فينسنت على اقتراح ثيو وأنهى أموره في سان ريمي. في 16 مايو/مايس 1890 ترك فينسينت فان غوخ المستشفى النفسي وذهب ليلاً بواسطة القطار إلى باريس.



حياته الأخيرة :

كانت رحلة فينسنت إلى باريس هادئة، واستقبله ثيو عند وصوله. بقى فينسنت مع ثيو وزوجته جوانا ومولودهما الجديد، فينسنت ويليم (الذي سمي على اسم فينسنت) لثلاث أيام. لكن فينسنت شعر ببعض الإجهاد فاختار ترك باريس والذهاب إلى أوفير سور أوايز. اجتمع فينسنت بالدكتور غاشي بعد فترة قليلة من وصوله إلى أوفير. استطاع فينسنت إيجاد غرفة لنفسه في إحدى المباني الصغيرة التي ملكها آرثر غوستاف رافو، وبدأت بالرسم على الفور.
قام ثيو وجو وطفلهما الرضيع بزيارة فينسنت وغاشي ليقضوا يوماً عائلياً ممتعاً. بقى فينسنت طوال يونيو/حزيران في حالة نفسية جيدة وكان كثير الإنتاج، فرسم بعض أعماله المعروفة مثل "صورة الدكتور غاشي" ولوحة "الكنيسة في أوفيرس". علم فينسنت بعد ذلك بخبر غير جيد وهو أن ابن أخيه أصبح مريضاً جداً. كان ثيو يمر بأكثر الأوقات صعوبة منذ الشهور السابقة. بعد تحسن الطفل الرضيع، قرر فينسنت زيارة ثيو وعائلته في فذهب إليهم مبكراً بواسطة القطار ثم عاد إلى أوفيرس. في أثناء الأسابيع الثلاث التالية، استأنف فينسنت الرسم وكان سعيداً.

في مساء يوم الأحد الموافق 27 يوليو/تموز 1890 أخذ فينسينت فان غوخ مسدساً وأطلق على صدره رصاصة. استطاع فينسنت العودة إلى رافو وهو يتمايل حيث انهار على السرير ثم اكتشفه رافو. تم استدعاء الدكتور مازيري وكذلك الدكتور غاشي، وتم الإقرار على عدم محاولة إزالة الرصاصة من صدر فينسنت، ثم كتب غاشي رسالة طارئة إلى ثيو. لم يكن لدى الدكتور غاشي عنوان بيت ثيو وكان لا بد من أن يكتب إلى المعرض الذي كان يعمل فيه. لكن ذلك لم يتسبب في تأخير كبير، فوصل ثيو في عصر اليوم التالي.

بقى فينسنت وثيو سوية حتى الساعات الأخيرة من حياته. ذكر ثيو لاحقاً بأن فينسنت أراد الموت بنفسه، فعندما جلس إلى جانب سريره قال له فينسنت
"أن الحزن يدوم إلى الأبد". مات فينسنت فان غوخ في الساعة الحادية والنصف صباح يوم 29 يوليو/تموز 1890 عن سن الـ 37. الكنيسة الكاثوليكية في أوفيرس رفضت السماح بدفن فينسنت في مقبرتها لأنه انتحر، لكن مدينة ميريالقريبة وافقت على الدفن والجنازة، وتم ذلك في 30 يوليو/تموز.
توفى ثيو فان غوخ في أوفر سور أوايز بفرنسا بعد رحيل فينسنت بست شهور. دفن في أوتريخت لكن زوجته جوانا طلبت في عام 1914 بإعادة دفن جسده في مقبرة أوفيرس إلى جانب فينسنت. طلبت جو أيضاً بأن يتم زراعة غصين النبات المعترش من حديقة الدكتور غاشي بين أحجار القبر. تلك النباتات





              قبر فينسنت وثيو فان غوخ في فرنسا 







                                                                                                                                                                                             عند بوابة الخلود  رسمت في عام 1890  
                                                                                            وقد رسم اللوحة قبل بضعة أيام من إطلاق النار على نفسه.

رسائل فان جوخ

 يقول خالد منتصر فى رأيى الشخصى المتواضع أن أعظم كتاب خطابات فى العالم على مدى التاريخ هو الكتاب الذى جمع رسائل فان جوخ، وأهمها رسائله إلى أخيه ثيو.. إنها رسائل لا تقل روعة عن لوحاته، ولا ثراء وبؤساً عن حياته، إنها تهزك من الأعماق ولا يمكن أن تكون نفس الشخص بعد قراءتها، للأسف هذه الرسائل لم تترجم بعد إلى اللغة العربية 





اريس 14 أكتوبر 1875

عزيزي ثيو:
أبعث لك مرة أخري كلمات قليلة أسري بها عن نفسي وعنك، لقد نصحتك بتدمير كتبك، وأن تنفذ ذلك فورا، قم بذلك الآن، نعم، أفعل ذلك، فسوف يمنحك شعورا بالراحة، لكن إهتم أيضا أن لا يصبح أفقك محصورا وضيقا، بالخوف من قراءة ما كُتب ببراعة، علي العكس فإن القيام بذلك شيئ مريح في الحياة.
أيا كانت الأشياء حقيقية، وأيا كانت الأشياء صادقة، وأيا كانت الأشياء منصفة، وأيا كانت الأشياء صافية، وأيا كانت الأشياء جميلة، و أيا كانت الأشياء جيدة، إذا كان هناك أي تأثير، وإذا كان هناك أي مدح، تذكر كل ذلك.ابحث عن النور والحرية، لا تتعمق في تأمل شر الحياة.
كم أتوق لوجودك هنا لنذهب سويا لمشاهدة «لوكسمبرج» و»اللوفر»، إلا أن في ظني أنك ستأتي بعد حين، كتب لي والدي في إحدي المرات:»تذكر دائما حكاية «إيكاروس»، عندما أراد الطيران نحو الشمس، وعند بلوغه ارتفاع معين، فقد جناحيه، وسقط في البحر»، سوف تشعر باستمرار أنه لا أنا ولا أنت سنصل لما نتمناه يوما ما، وسنظل أدني بكثير من أبينا والآخرين، عن ما نصبو إليه من الصلابة، والبساطة، و الصدق والإخلاص، المرء لا يصل إلي كل ما يرجوه بأن يصبح بسيطا وصادقا بين ليلة و ضحاها.
لكن قبل كل شئ دعنا نتحلي بالصبر والمثابرة، المؤمنون لا يتعجلون، لا يزال هناك فارقا بين تلهفنا أن نصبح مسيحيين حقيقيين، وما فعله»إيكاروس» بالطيران نحو الشمس، لا أعتقد أن هناك ضررا من بدن معافي نسبيا، اهتم بحصولك علي غذاء جيد، إذا انتابك أحيانا الإحساس بالجوع، أو بالأحري إنفتاح الشهية، كُل جيدا، أؤكد لك أنني أفعل ذلك، وهو ما يحدث في الغالب، خاصة الخبز يا ولد:» الخبز هو عصب الحياة»، مثل سائر الإنجليز» بالرغم من ولعهم باللحم أيضا، وتناوله بكثرة علي وجه العموم «، كل ما عليك فعله الآن هو الكتابة لي وعلي الفور، دعك من الأمور الحياتية اليومية.
أحرص دائما علي التحلي بالشجاعة، وبلغ تحياتي لكل من يسأل عني، أرجو أن نتقابل في غضون شهر أو أثنين. سلامي الحار، علي الدوام.
أخيك المحب فنسنت



اقتباسات من بعض رسائله.



1880 – ” مثل المواسم التي تغير الطيور فيها ريشها . تكون اوقات الشقاء و التشتت بالنسبة للبشر . ويمكن ان يخرج الانسان منها متجددا ولكن لا يجب ان يحدث هذا امام انظار الجميع . لذلك فالشيء الوحيد الذي يجب على المرء فعله ، هو ان يخفي نفسه “.


1880 – ” مالذي يمكنني قوله ؟ افكارنا الداخلية ، هل تظهر ابدا للخارج ؟ ربما تكون هناك نار عظيمة وسط ارواحنا ، لكن لا احد يأتي ابدا ليدفيء نفسه قربها ، ولا يرى العابرون سوى خيط من الدخان يخرج من المدخنة ..ثم يمضون في طريقهم ..”.

1880 – ” لا نستطيع دائما ان نحدد مالذي يبقينا محبوسين ، يدفننا … ولكننا نشعر بالحواجز ، البوابات . هل هي محض اوهام ؟ لا اظن ذلك . ونسأل ” ياالهي ، الى متى ؟ هل سيستمر ذلك الى الابد ؟”
أتعرف مالذي يستطيع تحريرنا من هذا السجن ؟
العاطفة. القوية الحقيقية . الحب . بقوة سحرية ، يمكنه ذلك ..”.


بعض الافلام و الكتب التي وثقت سيرته :

                                             Van Gogh: Painted with Words-2010



دراما وثائقية من إنتاج قناة بي بي سي 1 , كل الحوارات التي كانت في هذا الفيلم مصدرها من الرسائل التي أرسلها فان جوخ إلى أخيه ثيو ولمعارفه .
يجسد الفيلم – عبر الرسائل التي أرسلت – حياة فان جوخ والمراحل التي مر بها . الفيلم تعريف جميل لهذا الفنان ولقي إشادات كثيرة وفاز بجائزة أفضل وثائقي عن الفنون في مهرجان بانف لعام 2011 .الممثل الذي أدى دور فان جوخ ” بينديكت كامبرباتش الحاصل على جائزه لورانس أوليفييه ” تلقى أيضا اشادات النقاد و صرح العديد منهم بأن بينيدكت “أعاد إحياء شخصية عظيمة بطريمة جميلة عبر عينين زرقاوتين “





كتاب رسائل فان كوخ , ترجمة رانيا جوزيف \
.

المراجع :